موضوع عن التفكر في خلق الله

التفكر في خلق الله من العبادات التي أمرنا الله بها، ولكن للأسف يغفل الكثيرون عن عبادة من أهم العبادات التي خلق الإنسان أصلاً من أجلها ألا وهي عبادة التفكر والتدبر، وهي من عبادات القلوب.

أما عبادات الجوارح فتختلف عنها اختلافاً كثيراً، فعبادة التفكر هي العبادة التي تسمو بالعقل والروح فوق مستوى الجوارح، لذلك في مقالنا التالي على malzmty.com سنتناول موضوع عن التفكر في خلق الله.

أفلا يتدبرون

قال سبحانه وتعالى في محكم آياته:

(ولله ملك السماوات والأرض والله على كل شيء قدير (189) إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب (190) الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار).

  • وفيها أمر من الله سبحانه وتعالى بالتفكر، وكذلك تزكية لعباده الذين يتفكرون في خلق السماوات والأرض.
  • فيذكر الله السموات، والأرض، واختلاف الليل والنهار، وجعل في ذلك آيات لمن هم ذو العقول.
  • فزكاهم الله أكثر لأنهم خلطوا بين عبادة الجوارح، وعبادة القلوب، وعبادة العقول.
  • فتحركت جوارحهم بذكر ربنا سبحانه وتعالى قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم.
  • إذ أن بالنظر إلى آيات الله في خلقه، وفي كونه، والتدبر في عظمة الخلق، وقدرة الخالق يزيد الإيمان بالله.
  • ويتقرب العبد فيه إلى ربه أكثر وأكثر، فقال سبحانه:

(أولم ينظروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير)، سورة ملك.

  • فبالنظر إلى الطير وهو يطير في السماء، يبسط جناحيه ويقبضها، فمن الذي يمسكه من أن يقع؟
  • إنه الله سبحانه وتعالى، كذلك فبالنظر إلى الأسماك في البحار، والطير على الأشجار.
  • وأيضاً النظر في السماء، والجبال، والبحار، والمحيطات، والنظر إلى الأشجار.
  • فكل ما حولنا من مخلوقات يدعونا إلى التفكر في خلق التي لا تتوقف عن التسبيح حتى الحصى في الأرض.

اخترنا لك أيضا: كيف يتم تكوين الجبال

التفكر في خلق الله

  • جعل ربنا سبحانه وتعالى العقل من أعظم النعم التي أنعم بها على الإنسان.
  • فهذه النعمة هي التي مُيز بها الإنسان عن سائر المخلوقات.
  • ونجد أن ربنا سبحانه وتعالى في حرصه، وحفظه للعقول، قد قرن الحفظ بها واستعمالها بالآية التالية:

(يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما).

  • ثم ختم الكريمة بقوله:

(كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون)، سورة البقرة، الآية ٢١٩.

  • فحرص ربنا سبحانه وتعالى على حماية العقول وحفظها من كل المذهبات، وكل المغيبات لها.
  • إذ أن إعمال العقل، والتفكر؛ هو الغاية الأولى التي خلق الله عباده لها، فقال سبحانه:

(ويتفكرون في السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار).

  • وقال سبحانه:

(فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) سورة الأعراف، الآية (١٧٦).

  • فقد حثنا المولى على التفكر والتدبر في خلقه سبحانه، فقال سبحانه:

{إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)}، سورة يونس.

  • فهذا أمر من الله سبحانه وتعالى بالتدبر والتفكر في الماء الذي ينزل من السماء.
  • الذي هو سر الحياة، وخروج النباتات التي نأكل منها، وتأكل منها أنعامنا.
  • كذلك أمرنا سبحانه بالنظر إلى الزروع، والنبات، والأشجار، فقال سبحانه:

(ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون)، سورة النحل الآية ١٧.

  • بل إنه أمرنا في نفس السورة المباركة بالنظر إلى النحل، وإلى معجزة العسل الذي يخرج منها فقال سبحانه:

(وأوحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ)، سورة النحل الآية ٦٨.

  • فأمر الله سبحانه وتعالى بالتفكر والتدبر قد ذُكر في الكثير من مواضع القرآن الكريم.

التفكر في خلق الله سبباً في إسلام الكثيرين

  • أمر الله الكافرين بالتدبر في هذه النعم، وهذه المعجزات التي أطلعهم الله عليها في آياته.
  • فكل يوم نجد كثيرين من الذين كانوا لا يدينون بدين التوحيد يدخلون دين الإسلام.
  • وذلك بعد أن قرنوا بين المعجزات التي ذكرت في القرآن، والتي نزلت على رسولنا النبي الأمي.
  • الذي لم يخرج من شبه الجزيرة العربية، ولم يتعلم القراءة ولا الكتابة.
  • فيجد أنه قد أتى في كتابه العظيم بمعجزات، وآيات في كل مناحي العلم مثل؛ الطب، والجيولوجيا، والفلك.
  • حتى مراحل تطور الجنين في جميع أطواره، فالنطفة ثم العلقة ثم المضغة ثم عظاماً ثم كسونا العظام لحماً.
  • فنجد الآلاف قد دخلوا الإسلام بهذه الآية، وهذه المعجزة.
  • فعند مقارنتهم لما توصلوا له بعلمهم مع ما نزل في كتابه العظيم.
  • فإنه يأتيه اليقين بما لا يدع مجالاً للشك أن ديننا هو دين الحق، ورسولنا هو رسول الحق صلى الله عليه وسلم.

اخترنا لك أيضا: كيف خلق الكون علميًا

تفكر رسول الله في خلق الكون قبل الوحي

  • بدأت النبوة بالتفكر قبل الوحي، ومن أعظم الأدلة على أهمية التدبر، وأهمية التفكر.
  • وإنها أعظم مدخل من مداخل التوحيد وأعظم الأمور التي تأتي بالأجر، والثواب من الله.
  • هو فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان يختلي بنفسه في غار حراء للتفكر والتدبر في خلق الله وفي شؤونه.
  • فبدأت النبوة بالتفكر، والتدبر في غار حراء، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأمل.

وكذلك كان الصحابة، وكان الصالحون، فقال ابن عباس:

(ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة بلا قلب).

  • فكان الصالحين يطيلون الجلوس منفردين متأملين للتفكر والتدبر، فهو من أعظم الطرق المؤدية إلى رضوان الله، وإلى الجنة.
  • فالتفكر في خلق الله، يحيي القلوب، ويزرع في القلب الخشية من الله.
  • فقال عمر بن عبد العزيز:

(فكرت، الذين يشتكون من قسوة القلب ويقولون: ما هو الطريق لزيادة الإيمان، عندنا ضعف في الإيمان.

ما هو السبيل لزيادة الإيمان، لإحياء القلب؟ فقال لهم سبيلكم في هذا هو عبادة التفكر والتدبر.

  • وسُئل عن أبي الدرداء عن أفضل عبادته فقالوا:

(كانت عبادته الأولى بعد القيام والصيام والصلاة والصدقة، عبادة التفكر والتدبر).

ما الذي يعود على المسلم من عبادة التفكر في خلق الله؟

  • في الحقيقة فإن من أهم الفوائد التي تعود على المسلم من التفكر في خلق الله هي إدراك ماهية وعظمة الخالق.
  • وكذلك عظيم خلقه جل وعلا، إذ أن المسلم الحق عندما يتأمل ويتدبر في خلق الله من جبال وشمس وأنهار ونجوم.
  • يتوصل عقله إلى أن هذا الكون له خالق واحد خلقه بدقة وبنظام، ومسؤول عن كل شيء.
  • كذلك فهو يوثق علاقته بربه، ويزيد تعلقه به، ويجعله يعي أنه قد خلق للعبادة، فالإضافة إلى زيادة خشوع القلب.
  • وابتعاده عن الغفلة، ومن ثم الزهد في الدنيا، والترغيب في فعل الطاعات، ومن ثم الجنة بإذن الله.

نرشح لك أيضا: ما هو الخسوف وكيف يحدث

وفي ختام مقالنا عن موضوع التفكر في خلق الله، نرجو أن نكون قد أفدناكم، ونتمنى منكم مشاركة المقال للفائدة.

شاهد أيضًا